top of page
  • Writer's pictureنايف ناجي

الحلقة الثالثة عشرة: عمر أطول بعقل أفضل



حديثنا اليوم سيكون عن رحلة بحث لعالم أعصاب لخّصها في كتاب، ويدور الكتاب حول فكرة الشيخوخة، وكيف نستطيع أن نشيخ بنجاح، ولأنني أريدكم أن تعيشوا لعمر أطول، قررت أن أًراجع هذا الكتاب لتعم الفائدة، لذلك شارك هذه الحلقة مع من تتمنى أن يشيخ بنجاح.

عنوان الكتاب:

Successful Aging by Daniel Levitin

تمهيدا للحلقة هناك مصطلحين مهمين، وهما مدّة الحياة ومدّة الصحة.

فمدة الحياة: هي الفترة التي يعيشها الشخص من أول يوم في حياته، بينما

مدة الصحة: هي الفترة التي يستمتع فيها الإنسان بالحياة وهو بكامل صحته.

إذا مدة الصحة تختلف عن مدة الحياة، والهدف الذي نريد أن نحققه هو أن يعيش الإنسان لفترة طويلة بصحة جيدة، فليس مهماً أن نعيش طويلا لنصل المئة سنه، إذا كان 40 سنه منها معاناة وأمراض.

والنقاط التي سأراجعها في هذه الحلقة، تصب في فكرة كيف نستطيع جعل الفرد يقضي حياة صحية لأطول سنين ممكنه، بما نعرفه من دراسات وعلوم في وقتنا الحالي.


فهيا نبدأ!


(موسيقى)


هل استيقظت يوما في منتصف الليل وأنت جائع؟

أو مثلاً قبل أن تضع رأسك لتنام أدركت أنك لازلت نشيطاً؟

إذا أجبت بنعم، فأنت يا صديقي ساعتك البيولوجية تحتاج لضبط.

الساعة البيولوجية هي من تضبط وظائف الجسم خلال اليوم والليل، وانتظامها ينعكس على صحة الجسم، فدرجة حرارة جسمك في الليل ليست كالتي في النهار، وإفرازات الهرمونات ترتفع وتنخفض معتمدة على الساعة البيولوجية، والجهاز الهضمي كذلك يمشي وفقا لها.

والإنسان ليس الكائن الوحيد الذي يمتلك ساعة بيولوجية، حتى النباتات والفطريات والكائنات الأخرى لديها ذلك.

والساعة البيولوجية عند الثدييات يوجد بها ثلاث عمليات منفصلة:

الأولى منها: المُدخلات، وتأتي من الطبيعة، مثل الإضاءة، وأوقات الأكل.

الجزء الثاني: النبضات، فهي تسجل كل المدخلات التي تأتي، وتقيّدها وعلى أساسها ترسل النبضات العصبية.

الجزء الثالث: المُخرجات، والتي تُنظم بدورها الوظائف مثل الهضم، النوم، درجة الحرارة واليقظة.

هذه الأجزاء الثلاثة كل واحد منها يؤثر على الاخر، بطرق عكسية.

إذا بشكل مبسط، هناك مدخلات، موّلد للنبضات، ومُخرجات....

وهي تُمثل أجزاء الساعة البيولوجية في أجسامنا.


الضوء بشكل عام، عندما تسجله العين، ينتقل إلى منطقة ال suprachiasmatic nucleus في ال hypothalamus، وهي بدورها تُنظم وتُرتب وظائف الجسم.

وللتبسيط تخيّل أن هذه المنطقة مثل (مُراقب محطة القطار)، والذي يُجدول وينظم مغادرة كل قطار، فعمل الساعة البيولوجية كذلك فهي تنظم متى وكيف تفرز الهرمونات.

طيب، كيف نستطيع أن نضبط ساعتنا البيولوجية؟

وجد العلماء أن توقيت الوجبات الغذائية المحدد في كل يوم، يؤثر على جودة النوم، درجة الحرارة، الأداء الوظيفي، واليقظة.

لذلك من لا يضبط مواعيد وجباته، سيعاني من زيادة في الوزن، وأمراض مزمنة كمرض السكري.

وهناك بحث علمي يرى أن الجهاز الهضمي له ساعة بيولوجية خاصة به، وهذه الساعة تعتمد على ال microbiome (وال microbiome هي بكتريا مفيدة تتواجد في الجهاز الهضمي تُساعد على الهضم وحركة الأمعاء)، والعجيب في الموضوع أن ال microbiome هذه بساعتها البيولوجية الخاصة بها ترسل إشارات عصبية إلى الدماغ، فتُغير الساعة البيولوجية العامة للجسم ككل.

من العادات التي تؤثر على الساعة البيولوجية النوم.

والنوم كما يرى بعض العلماء أنه لا يجب أن يكون أٌثناء الليل، لأن شريحة من البشر لديهم جينات مختلفة، هذا الاختلاف يجعلهم يُفضلون النوم خلال اليوم.

وهذه العادة ليست مرضاً، ففرضيات تقول: أن البشر القدماء كان يتعاونون على حماية الأفراد، فوجب ألا ينام بعضهم ليُراقب المكان في حال نوم البقية، وعلى ذلك هذه الصفة انتقلت خلال الأجيال ويُفسر سبب تفضيل البعض للسهر في الليل.

في شمال تنزانيا، لازال هناك مجموعات بدائية عندما درس العلماء طبيعة نوم أفراد القبيلة، وجودا انه وخلال 21 يوم، مجموع الدقائق التي نام فيها جميع الافراد وصل ل 18 دقيقة فقط، وهذا يدعم الفرضية السابقة.

ولذلك فهناك نقاش يدور حول أوقات العمل، فهل الاستيقاظ في الصباح الباكر يناسب الجميع؟

أم أن البعض يناسبه العمل خلال الليل أكثر، ويُعتبر هو الوقت الذي ينشط فيه، عكس النهار.

تجاهل مثل هذه التساؤلات قد يكون هو السبب خلف الكوارث المصنعية التي حدثت، فمثلا يُعتقد ان كارثة Chernobyl كان سببها مشاكل في النوم، فالمهندسين والعمال الذين يسهرون الليل، يقل تركيزهم فتزيد الأخطار الكارثية، والحل هو جعل العمل في الليل لأشخاص يناسبهم.


طيب دعونا نحاول ربط جودة خلايا Suprachiasmatic nucleus والنوم.

وجد العلماء أنه كلما زاد العمر تقل جودة هذه الخلايا، فتتأثر جودة النوم، وتظهر مشاكله، فتُلاحظ أن كبار السن يستيقظون باكرا، ويفضلون تقديم وجبات الطعام.

النوم الغير منتظم يرفع من نسبة الإصابة بالأمراض: كنقص المناعة، ضعف العضلات، مشاكل القلب، السرطان، ويُنقص من العمر.

لذلك النوم مهم جداً لحياة طويلة بجودة عالية.

دعونا نأخذ جولة لنفهم ما الذي جعل النوم مهم لهذه الدرجة.

خلال النوم يُعاد بناء الذاكرة وتصنيفها وتقويتها، ويتم أيضا إصلاح مركبات DNA والتي بدورها تُصلح الخلايا، ويندرج تحت ذلك التئام الجروح ومحاربة الباكتيريا والفايروسات.

وعلى مستوى الدماغ فإن تنقيته من السموم والفضلات البيولوجية تتم خلال النوم، ولذلك فالنوم الكافي ذو الجودة العالية يقلل من نسبة حدوث الزهايمر، فالزهايمر هو عبارة عن تراكم مادة تسمى ال Amyloid، هذه المادة يتم تنظيف الدماغ منها خلال النوم، فإذا كان النوم غير كافي فإن ال Amyloid هذا سيتراكم ليقطع التشابكات العصبية ويبدأ الزهايمر في الظهور.


ومن الأشياء الغريبة التي تحدث خلال النوم هو التخلص من تأثير المشاعر والتي تجتاحنا خلال اليوم، فعندما ننام يبدأ الدماغ تدريجيا بفصل العاطفة عن الحقائق، لننظر إليها بمنطقية أكثر.

ووجد العلماء أيضاً أن قِل النوم يُفعل منطقة ال Amygdala بنسبة 60 % خلال الاستيقاظ، وال Amygdala هذه يوجد بها دائرة عصبية تَنشط خلال الخوف، ولأنها أصبحت أكثر نشاط حال اليقظة فإن الشخص يكون غاضباً وشرساً في تعامله.


طيب بعد أن عرفنا أهمية النوم، كيف يمكننا ان ننام بجودة أفضل؟

قبل النوم يُنصح في البداية ان تبتعد عن أي مصدر فيه إضاءة، والنوم في غرفة مظلمة، وإذا وُجدت إضاءة، حاول أن تستخدم ستائر سوداء تمنع وصول الضوء.

النقطة الثانية هي أن تنام وتستيقظ في نفس الوقت كل يوم!

أعلم أنه تحدٍ صعب، ولكن إذا أردت حياة صحية أطول فالموضوع يستحق التعب، لاحظ أنني لم أٌقل نم الساعة الفلانية بل قلت (نم واصحى في نفس الساعة وتعود على ذلك، فالهدف هو ضبط ساعتك البيولوجية)، عدد الساعات يختلف من شخص لآخر، ويجب أن نضع في الحسبان أنك لو نمت لثمان ساعات فإن ذلك قد لا يكفي، لأن جودة النوم قد تكون سيئة، لذلك عدد الساعات وجودة النوم مكمّلان لبعض.

عندما تستيقظ ي الصباح فتعرّض للشمس، لتُخبر الغدة الصنوبرية ال pineal gland والتي تنتج مادة الميلاتونين أن النهار قد بدأ.

إن حدث ظرف جعلك تنام متأخرا بسبب عمل أو دراسة، حاول أن تستيقظ صباحا في نفس الوقت المُعتاد، ولا يهم في مثل هذه الحالة أن تستوفي عدد الساعات التي اعتدت عليها!

النقطة الثالثة: تجنب الاكل قبل النوم بساعتين، لأن ذلك يُحير ساعتك البيولوجية، فالإشارات العصبية الآتية من جهازك الهضمي، تُخبر الدماغ بمعلومات خاطئة، فتبدأ مشاكل النوم في الظهور.

واحذر بالذات من الأكل المشبع بالدهون، لأنه أكثر نوع من الطعام يشتت الساعة البيولوجية، إلا في حال أن أردت السهر لطلب العُلى، فوجبة دهون ستساعدك على النوم في وقت متأخر.


النقطة الرابعة: شرب القهوة، وهي المعاناة الحقيقة للجيل الحالي، وأنا نفسي أعاني منها، لذلك سأتعمق قليلاً في تفاصيل كيف تؤثر علينا.

مادة الكافيين الموجودة في القهوة تحجب مستقبلات المادة الكيمائية ال Adenosine ، و Adenosine هو من يحفز الجسم للخلود للنوم، ولأن مادة الكافيين موجودة في الدم، فهي تقف حاجز أمام وصول هذه المادة لمستقبلاتها ليبدأ النوم.

الكافيين أيضا يُقلص تركيز مادة ال melatonin إلى 30%، ففي أحد التجارب العلمية وجدوا أن شرب دبل إسبريسو ثلاث ساعات قبل النوم، يُؤخر توقيت ال melatonin لمدة أربعين دقيقة.

الكافيين لا يقف عند ذلك بل حتى الموجات الصادرة من الدماغ والتي تسمى

Slow delta wave يقلل من ارتفاعها، والنتيجة من هذا كله، هو أن الجسم يتوه، لأن المؤشرات التي يستدل بها الجسم تغيرت، فيصبح هناك خلل في تفعيل حالة النوم، فتقل عدد الساعات و جودة النوم.


دعوني أُفصل أكثر في موضوع القهوة لنتعلم كيف يجب أن نشرب ومتى:

بعد شرب القهوة (من 15 دقيقة إلى 120 دقيقة) يصل تركيزها في الدم إلى أعلى مستوياته، طبعا لازم نفهم أن هناك اختلافات جينية بين الناس، فقد يصل تركيز القهوة في دمك لمستواه الأعلى خلال ربع ساعة، وعند غيرك بعد ساعتين.

بعد ذلك هناك شيء يسمى (متوسط نصف عمر القهوة في الدم)، ويكون في حدود الخمس ساعات، بمعنى أنه بعد 5 ساعات من شرب القهوة يظل نصف الجرعة في دمك، ولو تسائلنا متى يختفي تماما تأُثير القهوة في هذا المثال، فسيكون بعد 10 ساعات.

طبعا كالعادة الجينات مهمه، والاختلافات بين البشر شر لا ب منه، لذلك نصف عمر القهوة في الجسم يتراوح من ساعة ونصف إلى 9 ساعات ونصف.

فقد يختفي تأثير القهوة بعد ثلاث ساعات، أو قد يستمر ليصل إلى 18 ساعة.

لذلك حاول أن تُلاحظ تأثير القهوة عليك لتقف عن شربها بوقت كاف قبل النوم، أنا مثلا أتجنب شرب القهوة بعد الساعة السادسة مساءاً.

النقطة الخامسة والتي تساعد على نوم أفضل: هي ممارسة بعض الطقوس التي تساعد على الاسترخاء، ففي بحث جديد وجدوا أن كتابة قائمة بالمهام التي تريد القيام بها غدا، يحفز على الاسترخاء، ليس ذلك فحسب بل ويقوي الذاكرة.


طيب، لنفرض أن هذه المحاولات لم تنجح، ما الذي يجب أن تفعله؟

في حال أن هذه الاستراتيجيات لم تساعدك، سيبقى لديك خيار العلاج بالضوء، والخيار الثاني استعمال هرمون ال melatonin ، وهما فعّالَين وخصوصا عند كبار السن.


العلاج بالضوء يُستخدم في وقت محدد (بعد الاستيقاظ من النوم)، بحيث تعرض جسمك للضوء، وهناك منتجات كثيرة، وأفضلها – من وجهة نظر الكاتب – هي التي تُباع تحت مسمى:

SAD lamps

أما بالنسبة لهرمون ال melatonin فهو متوفر في الصيدليات، ويجب أن تستشير طبيبك ليصف لك الجرعة المناسبة، وعادة تتراوح ما بين (ربع الى نصف ميلي غرام)، لأن زيادة الجرعة تُسبب النعاس، وقد يُوثر على نومك سلباً لمدة تصل لأكثر من أسبوع، لذلك تابع مع طبيبك لتصل للنتيجة المرغوبة.


طيب، تحدثنا عن الوضع الطبيعي، ماذا عن السفر ومشاكل النوم بعده؟

ظاهرة ال Jet lag أو اضطراب الرحلات الطويلة يمكن تفاديه إذا بدأنا بفترة قبل السفر بتمهيد الجسم لذلك.

ظاهرة اضطراب السفر تحدث عندما تتغير المؤشرات التي تساعد الساعة البيولوجية على تحديد الوقت، مثل شروق الشمس، قوة الإضاءة، طول اليوم، الأكل وغيره.

وهذا يحدث عندما يكون توقيت الوجهة التي أنت مسافرٌ إليها يختلف عن مكان عيشك.

الساعة البيولوجية تستطيع أن تعيد ضبط نفسها ولكن تستغرق عادة عدة أيام.

لذلك سنتعلم الان قاعدة عامة، ستُجهز جسمك للتعامل مع هذه المشكلة، فيُصبح بمجرد وصولك للوجهة الأخيرة، تكون قد تعدلت ساعتك البيولوجية حال وصولك لوجهتك.

القاعدة كالتالي: إذا سافرت إلى الشرق فجسمك يحتاج يوم كامل لضبط الساعة البيولوجية لكل ساعة واحد لمنطقة زمنية ( time zone) ، ويحتاج نصف يوم إذا توجهت للغرب.

من خلال معرفة هذه المعلومة، قبل أن تسافر لجهة الشرق مثلا، حاول ان تعد كم منطقة زمنية سوف تقطعها، ثم ابدأ تدريجيا قبل الرحلة بتقديم ساعتك البيولوجية، يعني لو قلنا أنك ستقطع 6 مناطق زمنية، فأنت تحتاج أن تبدأ بست أيام قبل الرحلة – لأن التوجه للشرق يعادل يوما كاملا -، لذلك حاول أن تتعرض للشمس في وقت مبكر من الصباح او أن تستخدم اضاءة مصباح، وعندما تكون في الطائرة ومتجها للشرق، ضع غطاء على عينك بساعتين قبل الوصول إلى وجهتك الأخيرة، بهذه الطريقة أنت تجهز جسمك وتضبط ساعتك البيولوجية للتكيف مع المكان الجديد.


(موسيقى)

بعد أن انتهينا من النوم وتأثيره على صحة أجسامنا، سنُكمل النقاش حول محور آخر وهو الغذاء، وهو عامل مهم للحياة الصحية.

من النصائح العامة والتي توّجه لأي شخص يتمنى حياة صحية أو يُعاني من أمراض مزمنة كالسكري والسمنة هو البدء في عمل دايت ( حمية غذائية)، وهناك العشرات من برامج تخفيف الوزن، وكل برنامج غذائي يدّعي أنه هو الأفضل، ولكن هل هذه البرامج الغذائية مبنية على أُسس علمية؟

يذكر دانيل – كاتب الكتاب – أنه تقريبا وفي كل 10 سنوات تتغير وجهة نظر العلماء حول ما يجب أن نأكل وما يجب علينا أن نتجنب، فسابقاً كان العدو الأول للجسم الدهون، ثم انتقلت هذه العداوة للسكريات، والسؤال هنا ما الذي يجعل العلماء في حيرة من أمرهم ويتخبطون بهذه الطريقة؟

أغلب ما نعرفه عن الغذاء هو مبني على (الدراسة بالملاحظة) observation studies، وهذا النوع لا يُعتبر أقوى دليل علمي نستطيع أن نكون فعلا واثقين من نتائجه.

والدراسة بالملاحظة تعني أن نراقب مجموعتين من الناس لمدة زمنية نحلل أثناءها، طريقة الأكل والفروقات بينهم، لنصل عن طريقها إلى التنجية الأخيرة، ونُقيم على أساسها البرنامج الغذائي الذي اخترناه.

والذي يقلل من جودة هذا النوع من الدراسة هو عدم القدرة على ضبط التجربة ضبطا صحيحا، فمثلا بعض المتبرعين قد لا يقوم بالتمارين بشكل مستمر، والبعض قد لا ينام القدر الكافي، كذلك ضغوط الحياة تختلف من شخص لآخر، إلى آخره من العوامل التي قد تؤثر على دقة التجربة والنتيجة.

ولكي تكون النتائج علمية يجب أن يتساوى الأشخاص الخاضعين للتجربة في كل تفاصيل الحياة، ويجب مراقبتهم لمدة 24 ساعة ولفترة طويلة، وهذا صعب جداً.

لذلك عملياً لا توجد دراسات علمية قوية جدا تجعلنا نؤشر بثقة أن هذا الأكل مضر قطعاً.

والفائدة الحقيقة من القيام بالحمية الغذائية، هو أنها تشد انتباهك لكميات الأكل ونوع الأكل الذي تتناوله باستمرار.

والأسلوب الذي يفضلها دانيل هو ليس الاهتمام بنوعية الاكل، وإنما في تقليل كميات السعرات الحرارية بشكل عام، ويستشهد بتجارب أقُيمت على الفئران، وجدت أنه وبتقليل السعرات الحرارية فإن عمر الفئران يطول بنسبه تصل الى 40%.

وهنا يجب أن أنبه مرة أخرى، أنه لم يُذكر بالتحديد إذا ما كان يجب علينا قطع الدهون أو السكريات، لأنهما مهمان لوظائف وبناء الجسم، والانقطاع عن نوع من الأكل بشكل كامل، سيؤثر علينا سلباً.

طيب ماهي الفائدة من تقليل السعرات الحرارية؟

أولاً: تغيّر معدلات الإنسولين في الجسم، فارتفاعه لمدة طويلة مؤذي ويسبب سمنة، ليس ذلك فحسب بل ويُخفّض المناعة، ويسبب مشاكل في القلب.

والإنسولين كما تعرفون يُفرز عند تناول السكريات، لذلك يجب أن نحذر، فتناولها بشكل مفرط، يؤدي إلى زيادة كبيرة في معدلات الإنسولين.

إذا، باختصار شديد حاول أن تأكل أقل مما تحتاج.

نأت الآن إلى الصيام، الصيام بشكل عام مفيد لأنه يقلل الإنسولين، وخلال الصوم يبدأ الجسم بإنتاج ال ketone bodies، وهذه المواد هي نتاج لتحلل الدهون، فإذا زادت، ازدادت أعداد ال mitochondria (وهي مصنع الطاقة للجسم) فتساعد الخلايا العصبية على إنتاج طاقة تستفيد منها.

وهناك أدلة جديدة ظهرت مؤخرا وتقول: أن هناك علاقة واضحة بين ارتفاع الإنسولين وظهور أمراض تصيب الدماغ كالزهايمر والخرف.

إذا كلما قل الإنسولين .... كلما قلّـت المشاكل.

وما يهم كما ذكرت مسبقا هو أن نقلل من الأكل قدر المستطاع، فكلما قلّ الأكل زاد العمر.

طيب، كيف نأكل وماذا نأكل بالضبط؟

الإجابة لهذا السؤال هو (الاتزان) ومعناه هو أن تأكل من كل شيء باتزان، وأن لا تغفل من شرب ما يكفيك من الماء، فالماء يمثل 60% من أجسامنا، والعمليات الحيوية لا تتم إلا في بيئة مائية.

طيب، ماذا عن النسب المئوية والتي تقول أنه يجب أن تأكل هذه النسبة من الكربوهيدرات، وتلك النسبة من الدهون ... إلخ.

هنا يُعلق عالم الإنسان التطوري Herman Pontzer: أنني عندما درستُ الطريقة التي كان يتغذى بها الإنسان القديم (أو ما يسمى بالإنسان الصائد) خلصتُ إلى التالي:

أنهم كان يتمتعون بصحة جيدة بغض النظر عن مصدر السعرات الحرارية، وهم مجملا يتناولون كميات جيدة من الألياف تفوق معدل تناول الشخص الأمريكي الحالي.

وما زاد من صحتهم هو غياب الوجبات السريعة والطعام المصنع، والذي يخر أمامه الجسم ويهلك.

أيضاً لا ننسى توفر ما لذ وطاب للإنسان الحالي فإنه يُعقد المسألة أكثر وأكثر، فالإنسان الصيّاد يأكل ما يتوفر له فقط، ونحن نأكل في كل وقت ما نشتهي، لذا فنحن أقرب للسمنة منهم!


ولنختصر الكلام حول الغذاء حاول أن تطبق التالي:

1- كُل فقط عندما تشعر بالجوع.

2- توقف في اللحظة التي يختفي فيها الجوع.

3- حاول أن تُنفّس عن مشاعرك بأسلوب غير الأكل، فالبعض يُخفف عن مشاعره السيئة بتناول كميات كبيرة من الطعام تُنسيه همومه، والأفضل هو استبدال هذه العادة بالمشي مثلاً.

4- لا تضع أي قيود على أي نوع من الأكل إلا إذا كان هناك سبب طبي يُجبرك.

وإذا نظرنا لأنواع الحميات الغذائية وفكرتها، سنجد أن تركيبتنا النفسية في الحقيقية لا تتماشى معها، فالإنسان يميل للشيء الممنوع، فتراه يقتنص الفرص ليأكل شيء هو في الأصل مخصص للأكل، وأَضف على ذلك أن تكرار فشل الحميات يضر الجسم ويؤثرا بالسلب على النفسية.

وإذا أردنا أن نُحدد طعام يجب الابتعاد منه قدر الإمكان، فهو الوجبات السريعة (ال fast food) لأنه سكر مُصنع وكمية القلي التي يتعرض لها لا يستطيع الجسم تحملها، والبنكرياس مثلاً لم تتعود من القديم على كمية السكريات الهائلة فيه، ولذلك فمرض السكري هو مرض العصر، لأن البنكرياس تقف عاجزة فلا تفرز ما يكفي من الإنسولين.

ماعدا ذلك حاول أن تأكل من كل شيء، طعام بحري، بري، جوي، خضروات، ألياف، فواكه، كله مفيد ولكن كما ذكرنا في إطار (الاتزان)، لتنعم بحياة أطول وصحة جيدة!


النقطة الثانية التي أريد أن أتحدث عنها هي الرياضة.

ولعلكم جميعاً تعلمون فوائد الرياضة، ولكن هنا سأحاول أن أنبه على بعض النقاط والحقائق.

في البداية يجب أن نفهم أن البشر لا تتناسب معهم الحياة الخاملة والتي لا تتسم بالمشي والانتقال، فنحن في طبيعتنا نهوى التحرك واكتشاف ما حولنا، بدون هذا التحفيز فإن أدمغتنا ستبدأ تقل صحتها وتظهر فيها الأمراض.

لذلك يفترض عالم الأعصاب Scott Grafton ويقول: أن التعقيد في بناء الدماغ يُشير إلى أنه من مهامه الأساسية تنظيم الحركة، فمثلا حل المشكلات التي تواجه الإنسان خلال الحركة مفيدة، فالمشي مثلاً في الغابة لا يُحرك العضلات فقط بل ويشمل قرارات صغيرة تكاد أن لا تُلاحظ، وأيضا يُنشط خاصية الاكتشاف في الدماغ، فنحن في السابق كنا نبحث عن الأكل ونحاول في نفس اللحظة تجنب المفترسات.

ولذلك فالتمارين والمشي لها دورين مهمين: الأول تحريك الدورة الدموية وضخ الدم مؤكسد إلى الجسم، والدور الثاني هو اكتشاف أماكن غير مألوفة وتكوين ذاكرة لذلك.

فأنت عندما تذهب إلى النادي وتركض على السير، أنت هنا فقط تحرك دورتك الدموية، لكنك لا تكتشف ولا تنشط دماغك ليُّكون ذاكرة، وفي المقابل لو كنت تمشي في غابة أو مكان عام، فستُضيف إلى تنشيط حركة الدم، مهام أخرى في الدماغ كملاحظة كل شيء يدور من حولك، واتخاذ قرارات صغيرة، فأنت تنظر تحتك لترى كيف ستُحرك رجلك وأين ستضعها، وقد تقفز لتتحاشى حجر كبير أو تُخفض جسدك إن قابلك غصن إلى آخره.


ويذكر الكاتب أيضا، أنه هناك علاقة بين الرياضة، وثقافة وتعليم الشخص، فهو لا يرى الصورة النمطية والتي تقول بأن: المتفوق في الدراسة كسول لا يتحرك، والعلاقة بين الجسم والدماغ علاقة عكسية، كل منهما يؤثر على الآخر، فهو لاحظ أن زملاءه في الجامعة والذي يمارسون رياضات بشكل مستمر هم الأكثر انتاجاً.

ومن فوائد الرياضة والنشاط المستمر هو تقوية الذاكرة، وتأخير أمراض الخرف، وترفع من القدرة الإدراكية بشكل عام.

والذي يؤكد على أهمية الرياضة هو تكوين الذاكرة، فالأطفال في بداية حياتهم لا يتحركون ولذلك لا تتكوّن لديهم ذاكرة، ولكن بمجرد بدئهم بالحركة واكتشاف البيئة من حولهم، تتحفز العمليات الكيميائية العصبية في منطقة ال hippocampus فتنشط هذه المنطقة وتبدأ برسم خريطة المكان وتكوين ذاكرة.

ومن المهم أن نتذكر أن الحركة بشكل مستمر وخصوصا لكبار السن لها فائدة في جعل ادمغتهم أكثر نشاطا وإبداعاً.

(موسيقى)

من الأشياء التي تساعدنا على تعمير ناجح هو شخصية الفرد وعلاقته بمجتمعه، ففي دراسة من جامعة هارفارد استمرت لسنين طويلة حددت كيف يمكن للإنسان أن يعيش بسعادة، وكان السؤال

what makes a good life?

ما هو الشيء الذي يصنع حياة جيدة؟

هذه الدراسة منشورة على اليوتيوب في قناة TED المشهورة، فقط ابحث على اليوتيوب عن السؤال الذي وضعته، what makes a good life?

يُقدم هذا المقطع طبيب النفس الأمريكي Robert Waldinger رابع باحث مسؤول عن هذه الدراسة.

كنت قد ذكرت في البداية تعريف مُدة الصحة، وذكرت أنها الفترة التي نعيشها دون أمراض كبيرة تجعل الشخص طريح الفراش.

ولأن السعادة تزيد الصحة وتطول العمر، وجدت أن هذه الدراسة ستُفهمنا كيف نحصل على سعادة حقيقة وحياة جميلة.

طُرح سؤال على الشباب وكان: ما هو أهم اهدافك في هذه الحياة؟

أكثر من 80 % منهم أجاب: أن أكون غنياً

50% منهم أضاف أن الشهرة هي أهم أهدفه

لنرى الان ما الذي ستُغيره في هذا الفهم.

الدراسة بدأت مع مجموعة من الشباب، رَاقبتهم لفترة حياتهم كاملة – تقريبا- من سن المراهقة حتى أصبحوا كباراً، واستمرت لما يقارب ال 75 سنه.

724 رجل دخلوا غمار هذه الدراسة الطويلة، وظلّت تُراقب حياتهم وتطوراتها، من عمل، زواج، أطفال، مرض ... كل شيء تقريبا.

طبعا هذه الدراسة تُعتبر نادرة، لأنه من المحتمل انسحاب بعض المتطوعين ، أو موت الباحثين أنفسهم، أو حتى إيقاب الصرف عليها، ولكن بالصبر وعلى مستوى أجيال من الباحثين، استطاعت أن تشق الدراسة طريقها لنرى النتيجة اليوم.

اليوم لازالت الدراسة تجري على 60 شخص أعمارهم تقارب التسعين سنه.

بدأ هذا المشروع بمجموعتين تتكون من: مجموعة تخرجت من الجامعة نفسها - جامعة هارفارد- (وهي تمثل الفئة المتعلمة والجامعية) والمجموعة الثانية عينة من أحد الأحياء الفقيرة في أمريكا (ظروف حياتهم صعبه ولم يُكملوا دراستهم).

طبعا خلال هذه الدراسة يتم استدعاء المتطوعين كل سنتين ومراقبة أوضاعهم في المنزل، وكذلك الاطلاع على سجلاتهم الصحية والقيام بإجراءات طبية كأخذ عينة من الدم أو أشعة مقطعية للرأس إلخ.

ويتم أيضا عمل مقابلات مع الأفراد وأهاليهم.

بمرور السنوات أصبح من ضمن هؤلاء المراهقين أحد رؤساء الولايات المتحدة، ومنهم محامين، ومنهم من يعمل في المصنع، ومنهم من أدمن الكحوليات أو أُصيب بأمراض نفسية، فنحن هنا نشاهد درجات متفاوتة بينهم من أقل درجات المجتمع إلى أعلاها.

بعد كمية المعلومات الهائلة التي جُمعت، وجد العلماء أن الطريق إلى السعادة، هي العلاقات الاجتماعية الجيّدة، فكلما كان الشخص علاقته دافئة وجميلة مع أهله وأصدقائه ومجتمعه، كلما كان أسعد وعاش لفترة أطول.

وهنا نقطة مهمه يجب أن نفهمها، وهي أن عدد العلاقات الاجتماعية ليس مهما، لأن جودة العلاقة وصدقها هو المطلوب، الجودة أولا وقبل كل شيء، فقد تملك 100 صديق وتكون مكتئب، وآخرٌ يمتلك 10 أصدقاء علاقتهم صادقة وحقيقة فتكفيه ليعش حياة سعيدة وطويلة، بدماغ صحّي لا تهاجمه أمراض الخرف.

الدراسة لاحظت أيضا أن الوحدة قاتلة فعلا، فهي تجلب الأمراض، وتتلف الدماغ في وقت مبكر، بل وتقلل من العمر.

والغريب أن الغنى أو الشهرة أو المكانة الاجتماعية لا تهم كثير، فالسعادة ليست حصراً على الأغنياء أو المشاهير، وإنما في كيف حال علاقتك الاجتماعية مع من حولك؟

هذا هو الدرس الرائع الذي يجب ندركه وأن نعطيه قيمة يستحقها، والفضل لدراسة طويلة شارك فيها أجيال من الباحثين.

(موسيقى)


حتى الآن تحدثنا عن النوم، الغذاء، التمارين الرياضية، والعلاقات الاجتماعية، وهي كلها تساعد على حياة صحية وأطول، دعوني الآن أتحدث عن الجزء الأخير من الكتاب بعنوان (التعمير الجديد)، التعمير هنا بمعنى طول العمر.

90 % من البشر يتوفون لأسباب صحية، وخصوصا بأمراض السرطان والقلب، وسؤالنا هنا ماذا لو استطعنا أن نُعالج هذه الحالات بدقة أكبر؟ هل سنعيش لفترات طويلة أو من المحتمل حياة أبدية؟


الذي يعزز هذا الطرح هو أنه وبالنظر إلى تاريخ أسلافنا السابقين سنتعلم أن موتهم يكون في غالبه افتراساً من الحيوانات الأخرى، وفي هذا العصر نحن نعيش في عزلة عن عالم الغابة، فهل فرصتنا صارت أكبر لنعيش أطول؟

قد يكون!

لأننا نلاحظ الآن أن تطور الطب واللقاحات وغيرها جعلت من الإنسان يعيش لحياة أطول من سابقيه.

وفي إطار هذه الأفكار التي تُناقش طول العمر، وجد العلماء حيوانات لا تموت!

نعم حيوانات لا تموت.

عالمة الأحياء مانسي شريفاستفا اكتشفت جين يُدعى ال EGR، يسمح للدود وحيوانات أخرى بإحياء طرف جديد كان قد تدمر، فحالما تقطع منه جزء يعود لينمو من جديد.


في تجربة أخرى من جامعة تافس Tufts وجدوا أنك لو قطعت رأس دودة تُسمى ال planarian (دودة مسطحة مُستورِقة) فإن ذيلها والذي لا يوجد به دماغ، سيقوم بإحياء دماغ جديد، ليس ذلك فحسب بل ستجد أن الذاكرة القديمة في الدودة الأم مُتواجدة في الجزء المقطوع وكأنه عمليا نَسخ كل شيء هناك.

كيف تقوم بذلك؟ لا أحد يعرف حتى الان.


علماء الأحياء وجدوا ان عدد من الحيوانات من الممكن نظريا أن تعيش للأبد إذا توفرت لها بيئة آمنه بعيدا عن المفترسات أو الحوادث، لأنها ببساطة لا تموت بسبب طول العمر كما يحدث للبشر.

فمثلاً نوع من أنواع قنديل البحر، إذا شعر بالخطر، فإنه يعود إلى مرحلة أصغر، قد سبق ومر بها، ليبدأ بالنمو من جديد، وكأنه يعود بالزمن للخلف.

حيوان آخر يُدعى ال Hydra، بدل أن تتدهور خلاياه للأسوأ مع مرور الوقت، يحدث عنده عكس ذلك بحيث أنه كلما كبُر كلما أعاد تجديد نفسه ليصبح في كل مره أصغر، والسبب كما يرى العلماء هو وجود جين يسمى ال فوكس.

هذا الجين يوجد أيضا عند الإنسان، والمعمّرين الذين وصلوا إلى التسعين لديهم نوع من هذا الجين، لا يحمله الإ هم.

ووظيفة هذا الجين أنه يساعد على تجديد الخلايا، ويُحصّن الجسم ضد العمليات التي تضعفه مع تقدم العمر، وفي الحقيقة هو لا يقوم بمهمة الترميم بنفسه، فهو يُعتبر جهاز انذار، يجعل ال DNA يجدد ويُصلح مكان التلف أو الخطأ.


ومن الأشياء التي طُرحت حول موضوع التعمير، هو ما ذكرته عالمة البيولوجي الدقيقة سينثيا كينين Cynthia Kenyon، حيث انها تساءلت وقالت: كيف لجسم معمّر (تقصد أجسام الأم والأب) أن تُنتج طفلاً بخلايا جديدة؟

عندما درست هذا التساؤل على دودة ال C. elegans، وجدت أنه وقبل أن تُلقح البويضة تتم عمليات سريعة تُنّقيها من كل البروتينات المُدمرة التي أنتجها تقدم العمر، لتُقدم في النهاية بُويضة أكثر صحية.

نفس الشيء حدث عند الضفادع.

وسؤال هل هذا الشيء يحدث أيضا عند الإنسان لم يُجب عليه بعد، ولو وجدنا انه يمكن تحفيز هذا التنظيف الخلوي، فإننا قد نُوقف الشيخوخة عند حدها.


من الأجزاء البيولوجية التي تتبادر للذهن عند النقاش عن الشيخوخة هو ال Telomeres.

وال Telomeres يعتبر كالغطاء الذي يأتي في نهاية الكروموسومات، وأقرب تشبيه له هو رباط الأحذية، فكما تعلمون أنه في نهاية كل رباط حذاء يوجد قطعه بلاستيكية شفافة تحافظ عليه كي لا ينحلّ ويتفكك.

كذلك ال Telomeres هو يوجد في طرف الكروموسومات.


الأدلة العلمية تقول أن ال Telomeres الموجود في الحمض النووي للخلية يتناقص طوله مع كل انقسام جديد للخلايا، فأول خمسين انقسام لا إشكال فيه، بعد ذلك يُصبح هناك مشكلة في نسخ ال DNA ولا يمكن إصلاحه بعد ذلك.

الغريب في الموضوع أن طول ال Telomeres يمكن زيادته من خلال بعض الأنشطة، فالرياضة تزيد من طوله، والغذاء الصحي كذلك يطيله، بينما الطعام المُصنع والتدخين يقصّره.

العلاقات الاجتماعية الصحية وجدوا أنها تزيد من طوله، فالمجتمعات المدنية مثلا والتي يغلب عليها تخوين الجار، وعدم معرفته، مع قل الأصدقاء الأوفياء يُنقص من طول ال Telomeres.

جانب مهم أيضا، وهو كيفية التعامل مع الضغوط اليومية، فهي قد تكون سبب لزيادة طوله او تقصيره، فنظرتك للحياة هنا مهمه، فإن كنت ترى أن أي ضغط هو تحدي فأنت تُحافظ على نفسك، في حين أن طول الهم يُقصره ال Telomeres أو كما يُقال يُقصر العمر.


طيب، هل الحل هو في إيجاد حلول لإطالة ال Telomeres؟

الإجابة المنطقية تقول نعم، ولكن هنا تظهر قوة التجارب العملية.

في أحد الدراسات على أكثر من 26 ألف إنسان، وجدوا أنه لو تضاعف طول الTelomeres فإنه يرفع من نسبة الإصابة بالسرطان، وهذه النسبة تصل إلى 37%.

وإذا كان طويل جدا ففرصة الإصابة بسرطان الرئة تصل 90%، وسرطان الثدي إلى 48%.

والسبب في ذلك أنه قد يفقد الجسم السيطرة على انقسام الخلايا، فلا تقف، وهذا بالضبط هو ما يُعرف عن السرطان، فهو عبارة عن انقسام لا حدود له، مما جعل العلماء يعتقدون بأن الخلايا السرطانية هي خلايا خالدة!

هناك محاولات لحقن ال Telomeres عن طريق الوريد، ولكن حتى الان لم تثبت فاعليتها وفشلت.

وهناك أيضا منتجات يُزعم أنها تطيل العمر، وفي الحقيقة أنه لا صحة لذلك، ولا يوجد أدلة علمية تدعم هذا الادعاء.

(موسيقى)

بقي نقطة أخيرة أود أن أسلط الضوء عليها، وتدور حول التقاعد ومتى نقف عن العمل؟

في البداية يجب أن نعلم أن تقدم النظام الصحي، من استبدال لصمامات القلب، والتدخلات الجراحية إلى آخره، ساهمت في رفع معدل العمر بشكل عام، فمثلا أصبح عمر السبعين في بعض الدول لا يُشكل مشكلة كبيرة، وقد تشاهد أمثلة كثيرة لمن يعمل في هذا السن كأي مواطن.

والأفضل كما يرى الكاتب أن يستمر الشخص في العمل كموظف أو متطوع على الاقل، لأن ذلك يجعل كبار السن يندمجون في المجتمع ويكون لهم هدف يعيشون لأجله.

وفي بعض الولايات في أمريكا بدأ توجه جديد لتقليل (العنصرية العمرية)، وهذا المصطلح يعني عدم النظر لكبار السن على أنهم بلا فائدة، وبعض الشركات بدأت في تعديل جدول عمل يومي يتناسب مع قدرتهم، ويوفر لهم أماكن لأخذ قسط من الراحة ثم يكملون عملهم بشكل طبيعي.

وعمليا، لو فكرنا ملياً لوجدنا أن الشركات أو المؤسسات هي المستفيد الأول من خبرة هؤلاء الفئة والتي امتدت لسنين طويلة، فالموظف الجديد يحتاج إلى خبرة وكفاءة توّجهه في بداية عمله، والكبير في السن يحتاج إلى مكانة تُسعد قلبه وتُشعره بأن حياته لم تذهب سدا، وبهذا الأسلوب صنعنا بيئة صحية تُساعد على العطاء.


والمشكلة التي تحاول هذه الدول المتقدمة تحاشيها هو أن التقاعد لا يعني بالضرورة الراحة والمتعة، فهو في أغلب الأحول يحد من حركة الإنسان ونشاطه، ويرفع نسبة الشعور بالاكتئاب، ويضاعف فرصة الإصابة بأمراض القلب والسكري، لينتهي المطاف به إلى الموت وحيدا.

ولأننا نتحدث هنا عن الشيخوخة، فلا بد أن يظل الإنسان نشيطا متحركا، بالإضافة إلى ما ذكرته من ضبط نظام النوم، الغذاء، الرياضة، علاقات اجتماعية دافئة، وتقاعد في وقت مناسب له.





على كل حال اردت في هذه الحلقة أن أذكر فقط أهم النقاط في هذا الكتاب الممتع، وإلا فالكلام في تفاصيله يطول، وللأمانة الكتاب مليء جداً بمعلومات صادمة وغريبة.

سأضع اسم الكتاب في صندوق الوصف كالعادة.

لا تنسوا نشر الحلقة وكتابة التعليقات للبودكاست على الأبل بودكاست أو أي منصة تستمتعون من خلالها، حسابات التواصل الاجتماعي جميعا باسم

The Brainy Brain تابعوني لتتعرفوا على كل جديد .


كان معكم نايف ناجي

اترككم بخير






16 views0 comments

Comments


bottom of page