اهلا بكم جميعا ، الحلقه اليوم استثنائية لسببين ٫ السبب الاول آن موضوعها من آجمل المواضيع واعقدها وسبق ان تحدثت عن مشكلة الوعي في اول حلقه ٫ وذكرت ان لغز الوعي هو في الحقيقه من جذبني اكثر لاقرا واتعلم عن علم الاعصاب. لا ادعي ان موضوع الوعي قد فهم بشكل تفصيلي كبير ٫ ولكن هناك دراسات علميه جديده تناقش هذه الظاهره وسنلقي عليها نظره ونتعرف على المستجدات ٫ السبب الثاني لاستثنائيه هذه الحلقه هو آنني سآقوم بمراجعة كتاب واتحدث عنه واطرح آهم الآفكار التي وردت فيه٫ هذا الكتاب بعنوان consciousnesess and the brain by stanislas dehan الوعي والعقل لعالم الآعصاب ستانيسلز دهان ٫ تاريخ اصدار الكتاب ٢٠١٤. العالم دهان كاتب الكتاب قضى ما يقارب الخمس عشر سنه يدرس الدماغ وبالخصوص الوعي ٫ وقام هو وزملائه باختراع دائره عصبيه عن طريق الكمبيوتر تحاكي بشكل بسيط عمل الدماغ وظاهرة الوعي بشكل آخص ٫هذه الدائره بلا شك لا تقارب الدماغ بتعقيداته الكثيره ٫ ولكن هي محاوله لاثبات ان الفرضيه التي فرضها صحيحه. سآضع في صندوق الوصف اسم الكتاب لمن يريد آن يقرآه لآنه في الحقيقة كتاب مليء بالتشويق والغرابه ٫ لن استطيع ان اغطي واشرح كل شي ورد لان الكلام سيطول٫ لذلك من آراد تفصيلا اكثر انصحه بشراء الكتاب٫ ملاحظه صغيره وهي ان الكتاب لا يوجد له حتى الان نسخه عربيه للاسف ٫ الموجود حتى تسجيل هذه الحلقه نسخه انقليزيه
عندما يكون الحديث عن الوعي دائما ما تلتفت الانظار تجاه الفلاسفه وعلماء النفس ليتحدثون عنه٫ والعلماء التجريبين عادة لا يكون لهم رآي واضح وصريح ٫ لان علماء الاعصاب يبحثون عن تجربه علميه عمليه تبين التفاصيل وبدون ذلك تظل اراؤهم مجرد اراء لا تلزم احد ٫ ولكن مؤخرا آصبح سؤال الوعي يتجه آكثر آلى الخط الفاصل بين العلم والفسلفه في المنتصف وكل يدلوا بدلوه. دخول الوعي إلى المختبر آصبح حقيقة في ظل التكنولوجيا الحالية فمثلا الرنين المغناطيسي الوظيفي كشف ما خلف الستار٫ وكذلك جهاز تخطيط الدماغ ال EEG الذي يوضع على فروة الرأس لتسجيل كهرباء الدماغ ساعد في التجارب وتسجيل الملاحظات ٫ ووصل الآمر في بعض التجارب إلى الاستفادة من الآقطاب الكهربائية التي تزرع داخل دماغ المرضى المصابين بالصرع ٫ فلكي يقوم الجراح بتحديد مكان الخلل في الدماغ لاسئصاله يحتاج الى معرفة مكان الخلل فيزرع اقطاب داخل الدماغ ليصل للتشخيص ٫ لذلك علماء الاعصاب يستآذنون من المريض لاستخدام هذه الاقطاب في ملاحظه عمل الاعصابدون ان يكون هناك ضرر يلحق بالمريض
الوعي الذي سنناقشه هنا هو الوعي من منظور وظيفي فالكاتب يقول بأن مسآلة وعي الأنسان بذاته وسؤال هل الأنسان مخير في آفعاله آم مسير هي تقع خارج نطاق هذا الكتاب ٫ الوعي واللاواعي الذي سنحاول فهمها هو لماذا بعض الآحاسيس تكون واعية ونشعر بها والبعض الآخري يكون في نطاق اللاواعي ٫ كيف يختار الدماغ ما يستحق ان يصل للوعي.
قبل فتره شاهدت فيديو على الانترنت لمجموعه من الشباب يلعبون السله ٫ فريق منهم كان يلبس طقم آبيض والاخر آسود ٫ والمطلوب من من يشاهد الفيديو آن يعد كم تمريره حدثت بين الفريق الآبيض ٫ شمرت عن ساعدي وتركيز شديد اعد التمريرات ونجحت ف الاختبار ٫ ولكن في نهاية الفيديو ظهر سؤال يقول : هل شاهدت الغوريلا التي مرت في منتصف الفيديو ؟ قلت في نفسي آي غوريلا ؟ آعدت الفيديو ووجدت آنه خلال التمريرات بين الفريق الآبيض دخل شخص لابس لبس غوريلا ٫ ضرب على صدره عدت مدات ومن ثم خرج من الفيديو وآنا لم آره نهائيا !! واو شي مذهل. هذه التجربه في الحقيقه كانت من التجارب التي استخدمها علماء الاعصاب لتلاعب بالوعي ٫ وهي دليل على آنه يمكن آن الإنسان عندما يكون واعي بشيء فقدرته محدودة على شيء واحد فقط ٫ فالدماغ يتاجل الاشياء الاخري يصب تركيزه عل» شي واحد فقط .
تجربة ثانية تدل علـى آن محدودية الوعي : بشكل عام نحن نرى الاشياء مستخدمين كلتا العينين لرؤية صوره واحده ٫ ماذا لو عرضت صورتين متخلتفين لكل عين مالذي سيحدث ؟ ٫يعني سآجعل صوره سياره آمام عينك اليمين ٫ والعين اليسار سآضغ صورة رجل ٫ ماهي الصوره التي تعتقد انك ستراها ؟ كيف سيحل الدماغ هذه المشكله ؟ هل سيدمج الصورتين مع بعض ليظهر رجل وسياره ؟ آم سيختار الدماغ صوره واحده فقط؟ عندما اجريت هذه التجربه لاحظوا انه سيصبح هناك حاله من التنافس بين الصورتين على من منهم سيحصل على لحظة الوعي ٫ فلثواني معينه يرى الشخص فقط السياره ومن ثم تتغير الصوره ليظهر الرجل وهكذا بين كل حين وحين يكون هناك فقط صوره واحده هي مان ان يراها الشخص تختفي وتظهر الاخرى
،هذا دليل آخر على آن الدماغ لا يستطيع آن يعي بآكثر من شيئ . آذا كان هذا حال الوعي فماذا عن اللاوعي ؟
من الآشياء اللي صدمتني وآعتقد قد تصدمك هو آن اللاوعي يستطيع ان يقوم باشياء متتعدده ومتوازيه عكس الوعي ٫ وهو يعتبر مثل الجيش الذي يرتب وينظم ويفكر ولكن دون آن يكون له آثر مشهود . وليتضح ما اقصده ساستعير تشبيه جميل للفيلسوف hippolyte taine يقول فيه : آن العقل هو كخشبة المسرح٫ ففي المسرح دائما ما يكون هناك بقعة ضوء على الممثل الذي يقوم بالاداء اللي هو الشخصيه الرئيسيه ٫ هذه الشخصيه الرئيسيه هي الوعي ٫٫ ولكن في المسرح كلما ابتعدت عن الضوء تبدآ الدائره تتسع اكثر لان اي عمل مسرحي يقف خلفه آشخاص متعددين وبوظائف متعدده من المخرج والكاتب إلى آقل ممثل ٫ كل هذه العده والعتاد تمثل اللاواعي وسيتضح ذلك كلما تقدمنا في الحلقه٫ولكن بشكل مبدئي آريدك فقط آن تتخيل الدماغ هو مسرح من العمليات .
موسيقى في هذه الفقره سنتعرف على وظاىف اللاوعي في الدماغ ٫ صحيح آن موضوع الحلقه يميل آكثر للتساؤل عن الوعي ولكن لا نستطيع آن نتعرف على الوعي دون الخوض في عالم اللاوعي آولا ٫ فهو لا يقل آهميه عن الوعي ٫ بعد ذلك سنتحدث عن الوعي ونفصل فيه ما امكن.
تخيل معي آنك آمام شاشه ووضعت آمامك صوره ومن ثم اخفيتها بشكل سريع ٫ثم سآلتك هل شاهدت صوره ؟ ستجيب نعم. في المره الثانيه جعلت اختفاء الصوره سريع جدا لدرجه آنك لم تستطيع آن تراها ٫ ثم سآلتك هل تعرفت على الصوره ٫ ستقول لا لم آرها للآسف ٫ وسآصدقك بلا شك ولكن عدم رؤيتك لها هذا لا يعني آن دماغك لم يتعرف عليها ٫ وهنا يآت دور اللاوعي او كما يطلق عليه subliminal threshold ومعنى ذلك آن الصوره والتي كونت الاشاره العصبيه كانت تحت مستوى آقل من آن تصل لوعيك ٫ آي انها لم تصل لإدراكك ولكنها في الحقيقه سجلت في الدماغ بل وبدآ العمل عليها وسيآثر ذلك على سلوكك٫ قد تسال وهذا حق مشروع كيف عرف العلماء بمثل هذه الحاله ٫ آن لا ارى شي يظهر امامي في الشاشه ولكن الدماغ سجلها ؟ هنا يآتي دور جهاز الرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI والذي كان من آحد العوامل التي جعلت الوعي واللاوعي تدخلان المختبر. فكره هذا الجهاز هي آنه عندما تتفاعل او تستثار الخلايا العصبيه مع الصوره في مثالنا هذا ٫ فان الخليه تحتاج المزيد من الاوكسجين ٫ فيبدآ الدم يتدفق بشكل آكبر لكي يغذي الخلايا العصبيه بالاوكسجين ٫ في هذه اللحظه الرنين المغناطيسي الوظيفي يلتقط هذا التدفق ليعرف العلماء ان هناك نشاط في منطقه معينه مرتبط مع ما شاهده الشخص.
في تجربه علميه اخرى لإثبات آن عدم رؤيتك لصوره لا يعني آن مخك لم يستقبلها ويتعلم منها. مجموعتين من المشاركين حددت لهم مهمه وهيآن يحاولوا الضغط على مقبض بآقصى قوه يستطيعون وإذا وصلوا إلى حد معين سيحصلون على جائزه ٫ الجائزه هذه عرضت على الشاشه ولكن لم يستطع احد من المشاركين ان يراها لانها عرضت بشكل سريع يسمح للجائزه ان تكون في نطاق اللاوعي. المجموعه الآولى عرضوا عليهم صوره لمبلغ ١٠ ريال ٫ والمجموعه الثانيه كانت جائزتهم فقط ريال. كلا المجموعتين يحلفون آنهم لم يروا الجائزه وهذه حقيقه ولكن هذا لا يعني انهم لم يتآثرون بها . آداء المجموعتين اختلف٫ فالمجموعه التي عرض عليها عشره ريال قاموا بمجهود آعلى وسجلت اجهزة الرصد تحفيز الجهاز السمبثاوي وتعرق في اليد ( وهذه العلامات تدل آن الأنسان في حاله ضغط نفسي وحماس ). هذا الرصد يعطي دلاله انه حتى ولو لم يكن الشخص واعي بالجائزه الا ان عقله يحثته في اللاوعي آن يقوم بمجهود آكبر ٫ في المقابل الآشخاص الذين عرض عليهم ريال واحد فقط لم يآدوا بشكل قوي واداؤهم كان منخفض. هذا دليل واضح على آن سلوك الأنسان خلفه آدوات تحركه وتحفزه دون آن يشعر بذلك.
من خصائص العمليات التي تحصل في اللاوعي هو الاجراء السريع الذي لا يستدعي التحليل ٫ فدائما ما يكون هناك ربط ما بين الوعي والتحليل ٫ كذلك التفكير المنطقي المعقد والذي يحتاج لوقت طويل ٫ وبين اللاوعي الذي يكون سريع دون الحاجه لتفكير منطقي ٫ فمثلا لو رآيت آمامك ثعبان فهنا انت في حاجة تصرف سريع لنقل هذه المعلومه والقرار على اساسعا٫ وطريق اللاوعي افضل ٫ فآنت في الحقيقه لا تعي بوجود الثعبان الا بعد ان تهرب اي ان الهروب يسبق الوعي٫ وهذا يتقاطع مع ما ذكرته في حلقه سابقه في البودكاست بعنوان (عواطفنا ام مشاعرنا) وماهو الفرق بين العواطف والمشاعر .
دليل آخر على اهمية دقت اللاوعي ٫ عالم النفس الكندي melvyn goodle ذكر حاله آكدت على آن الدماغ فعلا شي مقعد وجميل ويستحق كل هذه الآبحاث العلميه المطوله ٫ مريضته عمرها ٣٤ سنه تعرضت للتسمم بغاز آحادي آكسيد الكربون فقدت بسببه وظائف عديده في الرؤيه ٫ وبالآخص وعيها بالآشياء التي تراها ما يسميه اطباء المخ والاعصاب agnosia آو العمه ٫ فهي لا تستطيع آن تفرق مثلا بين الدائره والمثلث آو حتى لا تعرف الفرق بين الخط العرضي من الخط العمودي الغريب في الموضوع انه اثناء اختبارها للقيام بآشياء تعتمد فيها على عمل الجهاز الحركي تنجح وتقوم بها ٫ فمثلا لو اُعطيت رساله لتضعها في صندوق البريد فإن ذلك لا يعتبر مشكله لديها لانها تعتمد على عمليات تتم داخل نطاق اللاوعي ٫ فا الشبكات العصبيه المتقاطعه ما بين آجزاء كثيره في الدماغ تآخذ المعلومه وتحللها بشكل منفصل عن ( ادراكها عن ماهو الشيء الذي آمامها ) وبعد عدة عمليات من التحليل تتحرك يدها على اساسها٫ ولتفهم اكثر ما الذي يحدث تخيل معي الآسلاك الكهربائيه الممتده للبيوت داخل المدينه٫ فلو مثلا بيتك انقطعت منه الكهرباء بسبب تلف عداد بيتك هذا لا يعني آن باقي البيوت ستتآثر ٫ فالطاقه الكهربائيه تنتشر لجميع البيوت بنفس القدر ٫ كذلك هذه المصابه كان الخللبالضبط في منطقة الرؤية ٫ بينما باقي الشبكات العصبيه الآخرى لازالت تعمل بشكل جيد فبمجرد وصول المعلومه عن طريق العين ٫ جهازها الحركي وبالخصوص الاعصاب المتصله باليد تبدآ في الاستعداد لإصابة الهدف بناءا على المعلومه التي وصلت للدماغ. وما سيجعلك تتعجب هو آن بعض الآشخاص المصابين بالعمى يستطيعون آن يمشون في طريق مزدحم دون آن يصطدمون بآحد ؟ هل لآن لديهم عين ثالثه ؟ بالتآكيد لا ولكن لآن الإشارات العصبيه تنتقل عن طريق العين وتتنشر داخل الدماغ ( كما تنتشر الكهرباء للبيوت )٫ فحتى لو لم يرى الشخص بسبب تلف القشره البصريه ويعي بذلك الا ان باقي القشر الدماغيه لازالت تعمل.
جانب آخر من جوانب اللاوعي وهو التخطيط بالتدريب ٫ ولعلي سآذكر المثال الذي ذكره الكاتب فلاعب الشطرنج وخوصا المحترفين جدا يستطيعون فهم ما يدور وما الحركه القادمه من نظره سريعه ٫ و لا يحتاجون لوقت لكي يحللون ويفكرون وانما ثوان بسيطه ويكون الحل قد ظهر ويحرك القطعه المناسبه على لوح الشطرنج.
الآشياء التي يقوم بها العقل دون استخدام الوعي كثيره تبدآ من فهم الجمل الى اكتشاف الاخطاء وحتى حل المشاكل ٫ حتى آن احد علماء الرياضيات المشهور Henri poincare يتوقع آن اللاوعي ( والذي يعتبر سريع ومتعدد المهام )يتفوق بكثير على الوعي ( والذي يوصف بالبطيء ) ومن ثم يقول آن اللاوعي ليس بآقل من الوعي ٫فهو لا يعمل بشكل تلقائي دائما ويكرر نفسه كالاله ٫ بل هو قادر على التمييز٫ولديه دقه وبراعه واضحه. إن اللاوعي يعرف كيف يختار٫ وكيف يتنبآ ..ثم ختم قائلا : آليس اللاوعي يتفوق على الوعي ؟
الكتاب مليئ بالكثير من التجارب العلميه التي لم آذكرها لكثرتها ولكن كلها تدل على آن اللاوعي مهامه آكثر مما تتخييل٫ فالحدس والتخمين والتخطيط وتعدد المهام كلها تتم هناك٫ وقد يقوم اللاوعي بآكثر من مهمه في نفس اللحظه.
موسيقى
الوعي كما ذكرت في البدايه هو ذلك الشخص الذي يُسلط عليه الضوء على خشبة المسرح فتلتفت له كل الآعين ٫ فكما ان اللاوعي له خصائص تميزه الا انه في نهاية المطاف كل هذه العمليات تحتاج آلى مرحله يكون فيه القرار هو سيد الموقف ٫ فالوعي عمله تلخيص تلك الاجراءات والعمليات الكثيره والمعقده لنحصل على نتيجه نهائيه٫فهو يحلل ويقارن وان احتاج الموضوع الى تعليق معلومه لفتره معينه فهو قادر على ذلك .
كما ان هناك علماء يحاولون فهم الوعي جيدا الا ان منهم من يرى ان الوعي بلا فائده فمثلا الكاتب الفرنسي alexandre Vialatte يقول ان الوعي بلا فائدة مثله مثل الزائدة في الجسم ٫ ويوافقه احدهم فيقول آنا آفكر ٫انا اشعر ٫ آنا آعاني. هناك آيضا من يقول ان الوعي في الآصل هو مجرد وهم وليس حقيقه ويقصد بذلك آن آفعالنا دائما تكون دائما بادارة عقلنا اللاوعي والعقل يوهمنا بآننا نحن من نعي ونحن من نقرر. ورايي الشخصي ان مثل هذه الافكار ارى انها كسوله ٫ ويرد عليهم دهان قائلا ان الوعي بلا شكك مفيد وضروري وكل ما اريدها ان يكون هناك فرصه لاقوم بعملي ٫ وكآن لسان حاله يقول اجعل صوت افعالك هو من يتكلم .
اغلب الاراء الكسوله ان صح التعبيد تميل للفلسفه آكثر من انها علم تجريبي بحت ٫ وهذا النزاع بين الكتاب والفلاسفه من جهه والعلماء التجريبيين من جهه حاصل دائما ٫ ولعلي استشهد بمقوله مشهوره ل Bertrand Russell يقول فيها آن العلم هو ما نعرفه والفلسفه هي ما لا نعرف.
عموما يقوم دهان في كتابه ( الوعي والعقل ) بالنظر للوعي من ناحيه وظيفيه ٫ويطرح فرضيه تؤيد وتدعم الفائده من الوعي . فهو يرى آن الوعي هو من يقوم باخذ القرارات عندما تكون الاحتمالات التي تفسر الشيئ كثيره ومشتته ٫ فكما آن اللاوعي يهتم بآدق التفاصيل ويجمعها ثم يلاحظ كل شيئ فيها٫ يضع في النهايه عدة احتمالات وتفاسير ٫ بعد ذلك يمررها الى الوعي ليلقي نظره سريعه يحسب فيها الاحتمالات ويقرر على اساسها لنحصل على افضل الاحتمالات< من هنا ينطلق دهان ويقول آن الوعي هو النظام الذي يتخذ القرارات ٫ فلو شاهدت جزء صغير من قطع ناقص( اهليجي ) ٫ فهناك عدة احتمالات تشرح وتفسر هذا الشكل ٫ لذلك تبدا الخلايا العصبيه تتواصل مع بعضها البعض وتضع احتمالات للاجابه ومن ثم يكون هناك شيئ يشبه التصويت تلتقي فيه تلك الخلايا عند اجابه نهائيه ومعينه.
الذاكره والوعي العلاقه بينهما متينه٫ وبالاخص ذاكرة العمل ٫ وذاكرة العمل هي الذاكره التي تستخدم لتعليق معلومه بوعي واستخدامها في نفس اللحظه٫ فمثلا عندما تستدعي رقم ٥ وتضربه ب ٤ فهنا انت علقت المعلومتين واستخدمتهما. كذلك الآفكار التي نعيها ونفكر فيها تحمل نفس الخصائص فاستحضار المعلومه لا يتم الا اذا وجدت ذاكره تجعلها ثابته ونيه واعيه تسبق ذلك.
ذاكرة العمل موقعها في منطقة ال prefrontal cortext القشره الامام جبهيه تكون خلف عظم الجبهه٫ اذا اصيبت بضرر فالآشخاص تظهر عليهم اعراض مثل عدم القدره على التخطيط وفقدان فهم الواقع مع تصرفات غير لائقه كمثل تقليد حركات الآشخاص . ومن الآعراض ايضا هو انهم فقط يستيطعون ادراك نصف الآشياء التي يرونها فقط كآن يرون نصف وجه ٫ او نصف كآس ٫ كل هذه الاعراض تقف عائق امام قدرتهم على الاعتماد على انفسهم في آشياء بسيطه وتخبرنا بمدى اهميه ال prefrontal cortex في تكوين الوعي.
النوع الاخر من انواع الذاكره التي ترتبط بانشاء الوعي هي الذاكره الصريحه وفيها تُسجل الخبرات والتجارب دور ٫ فآثناء قيام العلماء بتجارب تخص التعلم ٫ وجدوا ان هناك روابط عصبيه بين منطقة hippocampus ( التي تخزن المعلومات الصريحه )و منطقة prefrontal cortex K فيصبح كآن الخبرات والتجارب تقول للمنطقة البريفرونتال كورتكس الم تذكر انه حصل لك الموقف الفلاني ؟ حاول ان تتصرف او تسلك طريقا اخر ٫ لذلك هذه الدائره العصبيه مهمه لتساعد الانسان على التعلم المستمر وتطوير نفسه للافضل دائما.
بعد ذلك يتساءل دهان كيف نرى او نعي بشخصياتنا هنا يقول : آن الانسان يقضي حياته في مراقبة سلوكه وسلوك الاخرين ٫ ومن ثم يقوم عقلنا الاحصائي كما سماه بتسجيل هذه المعلومات واستخلاص نتيجه تكون هي تعريف لنا ولشخصياتنا وكذلك ثقتنا بآنفسنا ٫ على الرغم من ذلك يظل جزء كبير من ذواتنا مجهول ٫ والدليل انه عند حدوث ظرف جديد لا نستطيع بالضبط تخمين ردة الفعل تجاهه ولن يكون لدينا تصور حقيقي الا اذا مر علينا حدث مشابه له من قبل٫ فكر قليلا وستجد ان هذا الكلام صحيح ٫ فآحيان يخمن الشخص انه ستكون ردة فعله الشيء الفلاني ٫وعندما يحدث ينصدم من ردة فعله وكآنه لا يعرف من هو.
كاتب الروايه البريطاني david lodge يكتب في روايته think حديث ممتع عن الذات ففي الرواية كتب حوار بين مدرس لغة انقليزيه اسمه helen وآلة لديها ذكاء صناعي اسمه ralph بينما هيلين ورالف يستمتعان بالاسترخاء داخل الجاكوزي:
يتساءل هيلين المدرس قائلا : الجاكوزي لديه منظم للحراره ٫ هل هذا يجعله واعي ؟ فيرد عليه رالف ( الذكاء الاصطناعي ): ليس وعي بذاته ٫ لانه لا يشعر بآنه يستمتع بالوقت كما افعل انا وانت يتعجب هيلين : كنت آؤومن بعدم وجود شيء يسمى الذات. يجيب رالف : لا يوجد شيئ بهذا المعنى ان كنت تقصد وجود ذات واحده ومستقره٫ولكن هناك عدت ذوات ٫ اننا دائما نصنع ونشكل هذه الذوات في كل الاوقات ٫ كما تشكل قصصك الخاليه يا هيلين يقول هيلين : هل تقصد ان حياتنا مجرد خيال؟ يرد رالف بثقه : بطريقه آو اخرى.. نعم ٫ فنحن فقط نستخدم المساحه التي لا نحتاجها من عقولنا في نسج قصص عن انفسنا !
في هذا الحوار يتضح آن الانسان ينتقل بين عدت افكار حول ماهية ذاته ٫ فكل مره ينظر لنفسه من زاويه ويتعلم شي جديد عنها فيصنع محور جديد يتكلم فيه عن ذاته.
موسيقى بعد ان تحدثنا عن مهام الوعي واللاوعي بشكل عام في الفقرات السابقه ٫ سندخل الان الى ما يسميه دهان ب signatures of consciousness ويقصد فيه تواقيع الوعي ٫ فآثناء تصوير الدماغ وجد ان هناك اربع مراحل تسبق الشعور بالوعي. هذه التواقيع ساستبدلها بكلمة اثار٫ لان كلمة آثار تخدم الفكره التي يريد ايصالها اكثر من كلمة توقيع ٫ عموما يقول دهان انه قبل كل شعور واعي يجب ان تمر الاشاره العصبيه على اربع اثار تجعلها مؤهله لتصل للوعي٫ اذا لم يحدث ذلك فان الاشاره ستندرج تحت نطاق اللاوعي . طيب ما الذي يحدد ما اذا كانت المعلومه تستحق ان تدخل نطاق الوعي من عدمه ؟ هنا يآت دور الوقت فيقول لو عرضنا صوره على شخص لمدة ١٠٠ ملي ثانيه ٫ ملي ثانيه تساوي واحد من آلف من الثانيه ٫فإن الشخص بالصوره التي امامه ٫ اما اذا كانت تحت ٥٠ ميلي ثانيه فانه لن يعي بها وستكون في اللاوعي.
عندما تتخطى الاشاره العصبيه الوقت المطلوب تتضاعف الاشاره عدة مرات حتى تصل لمرحلة تكوين الوعي ثم يبدآ الاثر الاول ٫ الاثر الاول يظهر في منطقتي ال parietal و prefrontal cortex ونرى هذا الاثر بشكل واضح باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي .
الاثر الثاني يظهر على جهاز تخطيط المخ الEEG ٫ يكون على شكلموجه بطيئه تسمى p3 تآتي متاخره بمقدار ثلث ثانيه٫ وهذا يعني اننا عمليا لا نعي بالواقع في نفس اللحظه وانما هناك تآخير لمده ثلث ثانيه٫ يآت بعد ذلك الآثر الثالث٫ هذا الاثر تم تحديده عن طريق قطب كهربائي مزروع داخل الدماغ٫ فكما ذكرت انه في بعض التجارب يستعين العلماء بمرضى الصرع لوجود قطب كهربائي يساعدهم في تسجيل الاشاره٫ وهذا الاثر له خاصيه تميزه وهي تردده العالي . اخر اثر ( الاثر الرباع ) هو تزامن المعلومات وتبادلها بين اجزاء المخ القريب منها والبعيد٫ هذا التزامن يساعد في حدوثه خلايا عصبيه طويله تربط بين جزئين من المخ بكل سهوله. الآثار الاربعه مجتمعة هي المؤشر الذي يبرهن على حالة الوعي التي يمر بها الانسان.
بعد ذلك يذكر دهان في كتابه فرضيه اسماها global neuronal workplace ٫ المنطقة العامه لعمل الاعصاب٫ وهذه المنطقه هي بمثابة مكان عام لتواصل الاعصاب على نطاق واسع ٫ فاي معلومه تدخل في هذا النطاق تصبح مشهوره على مستوى الدماغ ويعي بها الشخص. فرضية ال global neuronal workplace هي نتاج ١٥ سنه من العمل٫ بالرغم من ذلك هو لا يدعي انها الفرضيه التي ستحل المشكله وبشكل نهائي وانما هي افتراح قد يفسر ولو جانب من جوانب الوعي . اذا الوعي حسب تعريفه هو هو عباره عن مشاركة المعلومة على نطاق واسع بين شبكات عصبيه ترتبط ببعضها ولمسافات بعيده ٫ ومنطقة ال prefrontal cortex لها النصيب الاكبر في هذه العمليه فهي تكون شبكه ممتده مع منطقتي ال parietal و ال temporal الفص الجداري والقذالي .
وبعد ان يتكون وعي بمعلومه معينه تستخدم حسب الهدف الحالي ٫ فقد تُقيم او تساعد في تخطيط لشيئ مستقبلي او غيره .
ما يساعد على تآكيد هذه الفرضيه هو انه عندما شرح عالم الاعصاب الاسباني santiago ramon الدماغ لاحظ ان الخلايا العصبيه تتميز عن باقي الخلايا من ناحية الشكل والمقاس ٫ فمقاس بعض الاعصاب يمتد ليُحسب بالسنتيميتر ٫وبعضها يمتد ليتواصل مع خلايا اخرى على الطرف المقابل. والاهم ان هذا النوع من طول الاعصاب لا يتواجد الا عند الانسان فالحيوانات لا يوجد لديها مثل هذا النوع مما يعني ان هذه الميزه لها علاقه مع الوعي.
اضف الى ذلك ان طول الاعصاب ليس فقط المميز فهي ايضا تتواصل باتجاهين٫ فمثلا لو ارسلت منطقه أ إلى منطقة باء اشاره عصبيه فإن العكس ممكن اي ان منطقة باء تستطيع ارسال اشاره لتصل لمنطقة أ.
طيب قبل ان يستحضر الدماغ معلومه ليعي بها كيف في الاصل يحتفظ بها ٫ آي ان السؤال سيكون كيف نميز الوجوه والاشياء ؟ وكيف نتعرف على الاماكن التي سبق وان زرناها ؟ ماذا عن المعلومات التاريخيه والجغرافيه ؟ اين كانت قبل ان نعي بها وقت الحاجه ؟ تكاد تكون لا نهائيه ٫ هنا يأت دور الترميز او الكود العصبي. عالم الاعصاب giulio tononi يقول ان الدماغ يرمز المعلومات ويشفرها عن طريق جعل بعض الخلايا العصبيه تشتعل في حين ان الاخرى تكون صامته ٫فمثل كلمة طائره ٫ الكود او الرمز الخاص بها٫ هو عمل ٣ خلايا عصبيه مقابل صمت ٥ خلايا عصبيه ٫ هذا يكون نمط مغلق على نفسه كدائره عصبيه منفصله ٫ وبفضل هذا الترميز العصبي نخزن بلايين المعلومات ٫وعند الحاجه لهذه المعلومه المرمزه تتنقل الى منطقة العمل العامه global neuronal workplace لتصل للوعي.
السؤال هل فهم هذه الشفرات يساعد على معرفة ما يفكر فيه الشخص قبل حتى ان يتكلم بما يفكر فيه ؟ الاجابه نعم فبمجرد معرفتنا للخلايا العصبيه التي تمثل شخصيه مشهوره او مكان معروف نستطيع ان نخمن ما يدور في بال الشخص... ويصبح الى حد ما كتابا مفتوحا
موسيقى
ماهي الفائده من دراسة الوعي ؟ هل سنستفيد من فهمه في المستشفيات مثلا؟ هل العلماء يدرسون هذه الظاهره فقط لاشباع فضولهم ام ان هناك فائدة ستعود على الفرد و المجتمع من هذه الابحاث. بعد ان اثبت دهان ان الوعي له اثار اربعه ٫ يقول بآننا نستطيع استخدام هذه المعلومه في مساعدة الاطباء في التشخيص. فالحاله الطبيه التي تسمى vegatative state او الحاله النباتيه يكون فيها المصاب لا يعي بشيء لضرر في مناطق الوعي ٫ ويكون كالنبات ٫ يتنفس وضربات قلبه حاضره ولكن دون اي وعي بنفسه او بمن حوله هذه الحاله احيانا قد تشخص بالخطآ ٫ فالاطباء قد يرون ان الشخص في الحاله النباتيه هذه بينما هو واعي او في وعي اقل من الطبيعي . والنسبه تصل الى اربعين في المئه ٫ عدد ليس ببسيط لذلك استخدام فرضية اثار الوعي او signatures of conscisoness قد تلعب دور هام في التشخيص
متلازمه اخرى مشهوره اسمها locked-in syndrome ٫ متلازمة المنحبس ٫ يكون فيها الشخص واعي ولكن لا يستطيع ان يقوم بآي حركه ( شلل كامل ) بالاضافه الى عدم القدرة على التواصل مع العالم الخارجي ٫ الا بحركة العين واحيانا حتى حركة العين قد لاتكون واضحه٫ هذه الحاله قد تشخص على انها غيبوبه وعلى ذلك قد تنهى حياته وهو لازال يعي بوجوده.
آضف الى ذلك ان فهم تفاصيل الوعي قد ساعد في علاج بعض الحالات المصابين بضرر في الوعي. ففي تجربه نادره من نوعها قرر العلماء ان يختاروا شخص لديه حد ادنى من الوعي ـ اي انه يتواصل بشكل بسيط بنمط عشوائي ـ في هذه التجربه كان التدخل جراحي فبعد عدة اختبارات وجدوا ان القشر الدماغيه لازالت سليمه فراقبوا عمل الدماغ لاشهر ومن ثم قرروا آن يزرعوا قطب كهربائي يمر من خلال القشر الدماغيه يمين ويسار الى ان يصل لل thalamus ٫ بعد مرور ٤٨ ساعه اثاروا القطب الكهربائي ٫ والنتيجه كانت مذهله ٫ فبعد ٦ سنوات من معاناة المريض اصبح يستجيب للاصوات من حوله ٫ ومع مرور الوقت تحسنت حالته للافضل.
بالرغم من هذا كله الا ان التحديات لازالت كبيره فنحن لا زلنا في بداية الطريق لكشف اسرار الوعي ٫فمثلا حتى الان لا نستطيع الاجابه على الاسئله التاليه : متى يبدآ الوعي عند الاطفال ؟ هل الحيوانات لديها وعي بذاتها وبمن حولها ؟ او كيف يحدث الوعي بالذات اي كيف اصبح لدينا القدره على التفكير حول افكارنا نفسها وكاننا ننظر لافكارنا ونعيد تفييمها ٫ وايضا كيف نعي بوجودنا ونعلم من نحن .
ماذا عن الذكاء الاصطناعي هل سيأت يوما يعي كما نعي ؟ . هذه الاسئله ستظل تنتظر اجابه عليها ٫ولا سبيل للاجابه الا عن طريق البحث العلمي الجاد .
الى هنا تنتهي رحلتنا مع هذا الكتاب. شكرا على المتابعه ٫ لا تنسوا مشاركة البودكاست. وكذلك اذكر بسماع الحلقات السابقه ٫ حسابات البودكاست على السوشل ميديا والاميل كلها موجوةه في صندوق الوصف للحلقه اقتراحاتكم وملاحظاتكم تهمني
كل عام وانتم بخير واتمنى لكم سنه جديدة مليئه بالعلم والمعرفه
كان معكم نايف ناجي دمتم بخير
Comments