أهلا بكم جميعا، في البداية أتمنى لكم عام جديد يملؤوه الفرح وتحقيق الأمنيات، عام 2020 كان بمثابة التحدي لنا جميعنا، وها نحن نخطو خطوات متميزة في المجال الطبي وخصوصاً في مجال الأبحاث، فلقاح فايروسكورونا أُنجز في وقت قياسي ، فجدّد لنا الأمل في عام سيكون كما نتمنى، وأنا مؤمن بذلك.
اليوم سأُحاول أن الخلص الحلقات التي قدمتها في هذه سنة 2020، وهي عبارة عن 5 حلقات فقط، لازال الطموح أن أقدم حلقة في كل شهر، ولكن في عام 2020 انشغالي بدراستي والانتهاء من السنة الأخيرة كان عائق كبيرا، فكنت أحارب لأقدم ما أستطيع، عام 2021 بالنسبة لي سيكون بداية رحلة جديدة، لأنني انهيت دراستي، وأًصبح لدي وقت أكثر .
عموما سأستعرض حلقات عام 2020 ليتمكن من لم يستمع لها أن يعرف عن أفكارها الرئيسية ثم يعود للتفاصيل لاحقا إن أراد، وسأجعل هذه الطريقة عادة سنوية، حيث أَقدم حلقة شاملة تشرح أهم الأفكار والكتب التي لخصتها وذكرتها في حلقاتي خلال سنة واحده.
فلنبدأ
(موسيقى)
طيب، أول حلقة قدمتها كانت بعنوان (المرونة العصبية والمستقبل) رقم الحلقة 9.
الكتاب الذي استخدمته بعنوان: The brain’s way of healing لعالم الأعصاب: Norman Doidge
المرونة العصبية أو كما تسمى Neuroplasticity هي من المواضيع المهمة جدا في علم الأعصاب، وسبب أهميتها أنها تُعيد الأمل لإيجاد حل للأمراض عصبية معقدة.
فكما ذكرت سابقا أن الدماغ ليس فقط عبارة عن شبكات عصبية جامدة بل إن هناك نوع من المرونة، يُعيد فيها الدماغ تشكيل نفسه.
في الحلقة تطرقت أيضا لآليات تخفف من الآلام المزمنة، والتي تُرافق المرضى لسنين طوال ، فعندما نستغل فهم المرونة العصبية نستطيع كسر هذه الالالم.
وهناك مبدأين مهمين لفهم المرونة العصبية، وهي إما ان نستخدم الشبكات العصبية أو أننا سنفقدها، والمبدأ الثاني الأعصاب التي تشتعل بعض ترتبط مع بعض.
طيب، ما هي الأمراض التي من الممكن علاجها؟
نستطيع أن نعالج بالمرونة العصبية: الجلطات الدماغية، الأمراض العصبية كالشلل الارتعاشي ، والنفسية كالتوحد.
الأليات الحالية التي تستخدم في هذا المجال هي كالتالي:
الليزر، الموسيقى، وجهاز يوضع على اللسان.
استطاع العلماء باستخدام الليزر إعطاء طاقة للخلايا العصبية وساعدها ذلك على ترميم نفسها، ويقترحون أن يخصص جهاز ليزر في غرف الطوارئ بحيث أنه يُوجه إلى مكان الجلطات الدماغية في وقت مبكر، فتستعيد الخلايا العصبية
طاقتها في وقت ممكن.
بالنسبة للموسيقى فموسيقى موزارت بتردداتها المفاجئة مع صوت الأم، تُحفز الدماغ على ترتيب وإعادة تشكيل نفسه، وهناك مركز في فرنسا مهتم في هذا المجال أسسه الدكتور توماتس.
والجهاز الأخير يُوضع على اللسان، وبه اقطاب كهربائية، تُحفز الأعصاب في اللسان فتنقل هذه الإشارات العصبية إلى جذع الدماغ ثم إلى الدماغ ككل فينشط ويحاول تكثيف شبكاته العصبية.
عموما هذه الحلقة مهمه لمن يرى نفسه مهتم في علاج الأمراض العصبية، حيث أنني تحدثت بالتفصيل عن كل شي هناك.
(موسيقى)
الحلقة العاشرة كانت بعنوان (ميزة العقل البشري)
وهي مراجعة لكتاب: The human advantage لعالمة الأعصاب سوزانا هوريكيلانو هيزل
والسؤال العام لهذه الحلقة كان عن ماهي الخاصيّة التي ميّزت دماغ الإنسان عن باقي الكائنات؟
والفرضيات للإجابة كانت كالتالي:
هل هو حجم الدماغ
أم شكل التشابكات العصبية
أم عدد الخلايا العصبية.
ثم فنّدت كل إجابة فقلنا أنه لو كان حجم الدماغ المسؤول عن تميّزنا فسنصطدم بحقيقة أن حجم دماغ الفيل يصل إلى 5 كيلوا غرام، في حين أن أدمغتنا لا تتعدا الكيلو والنصف.
ولو قلنا أن الإجابة تكمن في التشابكات العصبية فسنلاحظ أن الحيوانات لديها أيضا تشابكات عصبية كذلك.
وحتى فرضية أن عدد الخلايا العصبية لدينا أكثر غير صحيحة.
والسر الذي تعلمناه في تلك الحلقة هو أن عدد الخلايا العصبية وبالتحديد في منطقة الفص الجبهي هي من جعلت الإنسان يتميز عن غيره، حيث أن عدد الخلايا العصبية فيه وصل إلى 16 مليار خلية، والفص الجبهي هو المسؤول عن عمليات التفكير، والتخطيط، وحل المشكلات، وهذا يُنصّب الإنسان فيجعله سيّد الكائنات الحية في هذه النقطة.
في الحلقة أيضا صححنا معلومة كانت قد انتشرت لسنين وهي أن عدد الخلايا العصبية لدى الإنسان تصل إلى 100 مليار خلية وهذا الرقم غير دقيق ، فقد استطاعت عالمة الأعصاب – سوزانا – أن تعُد الخلايا بأسلوب مبتكر، فهي حوّلت الدماغ عمليا إلى حساء – أي اذابته في محلول – ثم وّزعت نوايا الخلايا العصبية بالتساوي داخل المحلول، ومن ثم عدّت الخلايا من خلال وزنه.
والرقم الذي توصلت إليه هو أن دماغ الإنسان لديه 86 مليار خلية عصبية وليس 100 مليار خلية.
طبعا الحلقة تضمنت أيضا مقارنات بين القوارض والثديات، وتوصلنا إلى أننا ننتمي إلى الثدييات.
عموما الحلقة فيها تفاصيل أخرى: كالنظام الاقتصادي للدماغ، وكم من الطاقة يحتاج؟ وكيفية تطور الدماغ من الإسلاف السابقة إلى الآن، والإجابة على سبب تسمية الإنسان الحالي بالإنسان الطبّاخ)
(موسيقى)
الحلقة الحادية عشر في سنة 2020 كانت بعنوان (من يُقرر إذا)
وهي مُلخص لكتاب: who’s in charge لعالم الأعصاب ميشيل قازانقيا.
فكرة الحقلة كانت تدور عن سؤال: من المسؤول عن تصرفاتنا؟
فهل نحن مخيّرون - أي نختار ما نريد كيفما نشاء؟
أم إننا مسيّرون ولا يد لنا – مجرد آلات-.
في الحلقة حاولت أن ألخص الكتاب بطريقة شاملة لنفهم ما الذي يُريد إيصاله الكاتب، فهو استعرض الاكتشافات والنظريات العلمية الجديدة، والتي بدورها غيّرت مفهوم الكثير من الأشياء ومن ضمنها سؤال التخيير والتسيير.
فناقشنا مثلا أن الإنسان يُولد ولديه منطق معين يفهم من خلاله الأشياء، وأن لدينا قدرات عقلية تكون كالقوالب نتحرك ضمنها.
ثم تحدثنا عن ظاهرة الانبثاق، والتي تعني أن سؤال التخيير والتسيير قد يكون ظاهرة لا تحدث إلا بين دماغ الإنسان وتفاعله مع أدمغة أخرى، أي فقط داخل نظام مجتمعي، وعندما يعيش الإنسان لوحده في الغابة، هنا يُسقط السؤال ولا معنى له.
ومن النقاط المهمة والرئيسية في هذه الحلقة هي التجارب التي أقيمت على (الدماغ المقسوم) وكيف أنه عند فصل الفص الأيمن عن الفص الأيسر، نُلاحظ أن الفص الأيسر يبدأ في إيجاد تفسير للأشياء التي تحدث من حولنا، ولذلك أُطلق عليه لقب ( المُفسر)، فالإنسان عندما يواجه ظاهرة لا يفهم أسبابها يُحاول دائماً اختراع إجابة تعتمد على صحة المدخلات التي يعرفها فيتحدث ويُجيب، ولا يهم إن كانت صحيحة أو خاطئة.
ميشيل قازانقيا – كاتب الكتاب- تعامل مع مرضى دماغهم مقسوم نتيجة لعملية يقوم بها الأطباء في بعض حالات الصرع، فهو يدرس هؤلاء المرضى ويُحاول ملاحظة تصرفاتهم، ثم القيام ببعض التجارب عليهم، وكانت النتيجة هو أن الفص الأيسر هو المتحدث الرسمي للدماغ، وقد يكون هو السبب الذي يُخبرنا دائماً بأننا مخيّرون ونختار.
أيضا في الحلقة ناقشت كيف يعمل الدماغ بالضبط على نطاق الوعي واللاوعي، وتعلّمنا أنه في اللاوعي يحدث ملايين العمليات العصبية بشكل متوازي، في حين أننا نعي فقط بشيء واحد في نفس اللحظة، وهذا مُهم، فلو قلنا أن هذه العمليات اللاوعيه تُنتج أفكارنا وقرارتنا، ثم تُرسلها للوعي ليتحدث (المُفسر) وينسبها إليك، فإن ذلك سيُفهمنا أننا قد نعيش في وهم الاختيار، في حين أننا عملياً مسيرون دون أن ندري.
ولا أنسى أن أذكر ظاهرة الانبثاق، فعلى مستوى الدماغ لوحده نحن نميل أن نكون مسيّرين، ولكن عندما ننتقل إلى مستوى المجتمع (تنبثق ظاهرة) جديدة تُغلّب فكرة الاختيار على التسيير.
عموما هذه الحلقة فلسفية وعميقة وتستحق الاستماع.
(موسيقى)
من منا من لم يتساءل عن سبب اقتراف المجرم للأعمال الإجرامية؟
في الحلقة الثانية عشر قدّمت تساؤل: كيف يُفكر العقل الإجرامي.
والإجابة كانت مراجعة لكتاب inside the criminal mind لعالم النفس ستانتون إي سيم نوا.
في الحلقة تعلمنا أن الإجرام لا يعني بالضرورة القتل أو الاغتصاب، بل إن أصغر الأعمال كالسرقة من السوبرماركت أو التنمر تندرج تحت هذا النطاق، فالتفكير الإجرامي واحد.
ولاحظنا أن كاتب الكتاب لا يميل للرأي الذي يقول أن المجرم هو في النهاية ضحية للتربية والمجتمع، فقد تشاهد شقيقان تربيا في نفس الظروف الاجتماعية فأصبح أحدهما مجرم والآخر إنسان طبيعي، كذلك لا يجب أن نحصر المجرمين على الطبقات الغير متعلمة والفقراء لأن هذا السلوك يتواجد في كل الطبقات.
ذكرت أيضا الصفات التي يشترك فيها المجرمين، وسأذكرها بشكل سريع ، والتفاصيل ستكون في نفس الحلقة، الصفات منها، الكذب المستمر، اللامبالاة، سرعة الغضب، عدم الاعتراف بالخطأ ، الشعور بالتميز على الغير، عدم الاستقرار الوظيفي، والدكتاتورية في التعامل والتفكير.
هذه الصفات هي العلامات التي تدل على التفكير والسلوك الإجرامي.
ويقول الكاتب: أن على المجرم أن يتعلم أنه ليس ضحية، بل هو إنسان مسؤول عن نفسه وتصرفاته، فإلقاء اللوم على من حوله هي حيلة يجب أن تقف عند حدها.
كذلك ويشدد على فكرة أن وجود بعض الأمراض النفسية ليست سبب كافي ليقوم المرء بما شاء، فالسلوك الإجرامي شيء وبعض الأمراض النفسية شيء آخر، فعندما تراقب تصرفات بعض المرضى النفسيين تجد أنهم منطقيين ويعرفون الصح من الخطأ.
تعاطي المخدرات كذلك ليس سبب كافي لنغفر للمجرم ما يقوم به، فهو يتعاطها بحثا عن الإثارة، وهي لا تحوله بالضرورة إلى قاتل أو مغتصب.
في الحلقة أيضا ناقشت كيف يمكننا أن نعالج هؤلاء الفئة من الناس.
والطريقة الحديثة هي مُعالجة الطريقة التي يُفكر بها المجرم، فمشكلة العقل الإجرامي هي وجود طريقة تفكير خاطئة تنتهي بسلوك خاطئ.
لذلك الحل أن يتم رصد طريقة تفكير المجرم وكتابتها على ورق ومن ثم تصحيح هذه الأفكار، وشيئاً فشيئاً تتحول طريقة التفكير إلى طريقة صحيحة تُنتج سلوك صحيح، فالحل يبدأ من التفكير نفسه.
في الحلقة ذكرت أيضا قصة لأحد المجرمين يُدعى لوري وكيف تمت معالجته.
(موسيقى)
عمر أطول بعقل أفضل، هذا هو عنوان آخر حلقة في عام 2020 وكانت اهداء للمتابعين وأمنية ليعمون بصحة جيدة.
عنوان الكتاب: successful aging لعالم الأعصاب دانيل ليفتون.
تحدثت في البداية عن مدة الحياة ومدة الصحة، وكيف أن مدة الحياة هي عمر الإنسان، ومدة الصحة هي السنين التي نعيشها ونحن في صحة جيدة.
والمحاور الرئيسية كانت كالتالي:
أهمية الساعة البيولوجية وكيف يمكننا أن نضبطها.
وتعلمنا أن هناك فئة من البشر قد لا يناسبها النوم إلا النهار، والبعض في الليل.
ثم ناقشنا تأثير تنظيم الوجبات الرئيسية وكيف تتدخل في تنظيم الساعة
البيولوجية.
ثم انتقلنا إلى أنواع الأكل ومن هو العدو الأول لنا، فيقول الكاتب: أنه وحتى الآن لم يتضح بالضبط من هو العدو الأول لجسم الإنسان، ففي السابق الدهون كانت هي المشكلة الكبرى، والآن أصبحت الكربوهيدرات، وسبب هذا التشتت هو عدم وجود تجربة علمية حقيقة ومُحكمة.
والأفضل أن يأكل الإنسان من كل شيء، ولكن باتزان، والقاعدة العامة: أن نأكل متى أحسسنا بالجوع وأن نقف قبل أن نشبع.
أما بالنسبة للوجبات السريعة فهي مضرة دون أي أدنى شك.
الرياضة أيضا كان لها نصيب، فهي عامل مهم لحياة أطول، فنحن نعلم أن الرياضة ضرورية، ويُفضل أن نمارسها في الأماكن المفتوحة والغابات، لأن ذلك يُنشط قرارات صغيرة تواجهنا خلال المشي فتُحفز الدماغ وتقوي الذاكرة.
وفي الحلقة ناقشت مفهوم جديد ودراسات علمية جديدة حول مفهوم التعمير، فها هي بعض الحيوانات تفاجئنا بأنها قد لا تموت إذا وفرنا لها بيئة آمنة، لأنها ببساطة لا تموت بسبب تقدم العمر، وهناك بعض الكائنات اذا انقسمت نصفين ينبت لها دماغ جديد بنفس الذاكرة.
وكان للتيلوميرز أيضا نصيب، فانقسامات الخلية محدودة بسببه، وتعلمنا أن الرياضة والحياة الاجتماعية تُطيل التيلوميرز ليعيش الشخص عمراً أطول.
والشيء بالشيء يُذكر فللحياة الاجتماعية الصحية تأُثير كبير، ففي أطول دراسة تمت على مدار ما يقارب ال 75 سنه، لاحظ العلماء أن العلاقات الاجتماعية الدافئة والناجحة تؤثر على سعادة المرء وصحة دماغه.
(موسيقى)
هذه الحلقة كانت بمثابة مراجعة سريعة لما تم طرحه في 2020 وهي لا تُغني عن الحلقات نفسها، فهناك تفاصيل كثيرة لم اخض فيها كي لا أطيل عليكم.
حسابات التواصل الاجتماعي جميعا باسم The brainy brain
وأتمنى منكم فضلا لا أمر على كتابة تعليقات على البودكاست نفسه لتدعموه فيصل لمتابعين أكثر، وستكون سنة 2021 مليئة بالحديث عن علم الأعصاب، هذا العالم المُذهل.
كان معكم نايف ناجي
اترككم بخير
Comments